من أقوال ابن المقفّع في باب " معاملة الصديق " الذي جاء ضمن كتابه " الأدب الكبير":
" إعلم أنّ إخوان الصدق هم خير مكاسب الدنيا، وهم زينةٌ في الرخاء وعدّةٌ في الشدّة
ومعونة في المعاش والمعاد، فلا تفرّطن في اكتسابهم وابتغاء الوصلات والأسباب لديهم "
" إذا رأيتَ صاحبك مع عدوك فلا يغضبك ذلك، فإنما هو أحد رجلين:
إن كان رجلاً من إخوان الثقة، فأنفع مواطنه لكَ أقربها من عدوك لشرٍ يكفّه عنك، أو عورةٍ يسترها منك، أو غائبةٍ يطلع عليها لك
وإن كان رجلاً من غير خاصة إخوانك فبأي حقٍّ تقطعه عن الناس وتكلّفه ألّا يُصاحب ولا يُجالِس إلّا من تهوى"
" اعلم أنّ انقباضكَ عن الناس يُكسبك العداوة
وأنّ تفرّشك - أي انبساطك – لهم يُكسبكَ صديق السوء "
" لا تعتذرن إلّا إلى من يَجب أن يجد لكَ عذراً، ولا تستعن إلّا بمن يجب أن يظفر لك بحاجتك
واذا اعتذرَ إليكَ معتذر فتلَقّه بوجهٍ مُشرِق ولسانٍ طلق، إلّا أن يكون ممن قطيعته غنيمة "
ومن أقوال ابن مسكويه في كتابه " تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق " حول ضروب الصداقة التي تأثر من خلالها بآراء أرسطو:
" إنّ صداقة اللذة تنعقد سريعاً، وتنحلّ سريعاً
لأن اللذة متغيّرة، وهي أكثر شيوعاً بين الفتيان "
" إنّ صداقة المنفعة تنعقد بطيئاً، وتنحلّ سريعاً
بانقضاء المصلحة وهي صداقة كِبار السن "
" إنّ صداقة الفضيلة تنعقد سريعاً، وتنحلّ بطيئاً
لأن الخير باقٍ بين الناس، وهي صداقة الأخيار "
" ولتكتفِ بصديقٍ واحد إن وُجد، فإن الكمال عزيز، ومن كَثُر أصدقاؤه لم يَفِ بحقوقهم
واضطر إلى الإغضاء عن بعض ما يجب عليه والتقصير في بعضه، وربما تراوحت
عليه أحوال متضادة، أعني أن تدعوه مساندة صديق إلى أن يسره بسروره
ومساندة آخر أن يغتنم بغنمه، وأن يسعى بسعي واحد، ويقعد بقعود آخر "
ومن أقوال وآراء أبي حامد الغزالي في كتابه " بداية الهداية ":
قسّم فيه الناس إلى ثلاثة أصناف، فهم إمّا أصدقاء أو معاريف - أي معارف - أو مجاهيل
موضّحاً أن هناك أداباً خاصّة ينبغي مراعاتها عند التعامل مع كل صنف
فمع الصديق ينبغي التحقّق من استيفائه لشروط الصداقة وهي:
العقل - حسن الخلق - الصلاح - الكرم - الصدق
ويذكر أنه من حقوق الصحبة الواجبة مع الأصدقاء:
الإيثار بالمال - المبادرة بالإعانة - كتمان السرّ - ستر العيوب
السكوت عن تبليغه مذمّة الناس - ابلاغه ما يسرّه من ثناء الناس عليه
حُسن الإصغاء عند الحديث - دعوته بأحبّ الأسماء إليه - الثناء عليه بما يعرف من محاسنه
شكره على صنيعه في وجهه - الدِفاع عنه في غيبته - ونُصحه باللطف - العفو عن زلته
إحسان الوفاء مع أهله - التخفيف عنه في المكاره - إظهار السرور لرؤيته - السلام عليه عند لقائه
أمّا عن آداب التعامل مع المعارف (أي اللذين تربطنا بهم علاقة سابقة ولكن لا تصل إلى درجة الصداقة )
فيذكر لنا الغزالي وجوب التأدّب والتواضع والتحمّل وعدم الإطمئنان إليهم حتى وإن أظهروا المودّة
مع إلتماس الأعذار لهم، والهدوء في المجلس وحسن الحديث، وعدم الإلحاح في الحاجات
والإعتدال في الملبس والتزيين وعدم الإكثار من الإلتفات والإشارة باليد أو التثاؤب
أمّا آداب التعامل مع المجاهيل ( وهم الأشخاص الذين تجمعنا الظروف بهم دون معرفة سابقة)
فتشمل قلّة الإصغاء إلى أحاديثهم والتغاضي عن سوء ألفاظهم وتجنب كثرة لقائهم والحاجة إليهم
مع ضرورة التنبيه على ألفاظهم البذيئة باللطف والنصح عند توقّع القبول منهم