ما موعد ليلة القدر؟
النبي يقول: "التمسوها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"؛ فالنبي من شدة حرصه عليها اعتكف في العام الأول من فرض الصيام في العشر الأوائل من رمضان؛ لأنه نسي متى تكون من شهر رمضان؛ فجاءه جبريل فقال له: "إن الذي تبحث عنه لم يأتِ بعد"؛ ففي العام الذي يليه اعتكف النبي في العشر الأواسط من رمضان، فجاءه جبريل وقال له: "إن الذي تبحث عنه لم يأتِ بعد"، وفي العام الذي يليه اعتكف في العشر الأواخر فجاءه جبريل وقال له: "قد أدركتها.. قد أدركتها".
ويقصد النبي بالوتر هي الأيام الفردية؛ لأن الله وتر يجب الوتر، ولذلك ابحث عنها وابذل جهدك على قدر ما تستطيع؛ فيقول ابن حجر: "إنها ليست ثابتة، فينقلها الله بين الوتر في العشر الأواخر".
ماذا كان يفعل النبي في العشر الأواخر؟
كانت السيدة عائشة تقول عن النبي في العشر الأواخر من رمضان: "كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر، وطوى فراشه واعتكف".
فأحيا الليل؛ تقصد أنه كان لا ينام؛ فمضى زمن النوم؛ فكان في العشرين الأوائل يصلي بالليل، وينام فيخلط النوم بالصلاة؛ "فإذا دخلت العشر الأواخر لا نراه إلا قائماً"، وأيقظ أهله للصلاة.
والاعتكاف في العشرة الأواخر للتركيز عكس وجودك في البيت وقتها.
أما الصحابة؛ فكان إحساسهم مختلفاً بها؛ فكانوا يقولون: كنا نغتسل كل ليلة ونتطيب استقبالا لليلة القدر، ويقال: كان لأحد الصحابة حُلة اشتراها بألف درهم لا يلبسها طوال العام؛ إلا في العشر الأواخر من رمضان، وكان يقول: "هي حُلة ليلة القدر لعل الله يقبلني بإقبالي عليه".
وأغلى ثلاثة أشياء كان يفعلها النبي في هذه الليلة:
1. صلاة التهجد في الثلث الأخير، ويقول العلماء: على قدر اجتهادك في هذه الليلة تتنزل عليك الرحمات والمغفرة، وعلى قدر اجتهادك بالنهار يفتح الله عليك بالليل.
2. قراءة قرآن.
3. دعاء.
قبل الختام لديّ معنى رقيق أريد توصيله، وهو أن اسماً من أسماء الله الحسنى الستار، وكلنا نعتقد أن الستار هو الذي يسترنا عندما نعصي فقط، هناك معنى آخر للستار ألا وهو أنه ستر موعد ليلة القدر عن عباده حتى يجتهدوا طوال العشرة أيام، وستر المؤمنين أحبابه من أجل أن يحفظ حرمة بقية المسلمين، وستر ساعة الإجابة يوم الجمعة من أجل أن نجتهد فيه طوال اليوم، وستر اسم الله الأعظم من أجل أن نتعلق بأسمائه كلها، وستر موعد الموت حتى تخاف في كل الأوقات وتعمل في كل الأوقات. الستار هو الذي يخفي أشياء من أجل أن يقربك منه أكثر.
وهناك بيت من الشعر أحب أن أهديه للناس في هذا اليوم يقول:
أحزان قلبي لا تزول.. حتى أبشر بالقبول
وأرى كتابي باليمين .. وتقر عيني بالرسول
نيران قلبي في اشتعال.. من خوف ربي ذي الجلال
فارحم وسامح يا رحيم.. واغفر ذنوباً كالجبال
والعين تبكي في خشوع.. من خشية بين الضلوع
لله رب العالمين.. القلب دوماً في ولوع
فاحرص على ليلة القدر، وعلى قيامها وصلاتها ودعائها ولا تنسَ دعاء النبي في هذه الليلة: "اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ