هذا مقال نشرته مجلة الأسرة (عدد 71) من اعترافات امرأة غربية أسلمت حديثاً، أحببت عرضه للقراء لاسيما النّساء المسلمات ليعلمن ما هن فيه من نعمة.
قالت المجلة:
ليس جديداً القول بأنّ الحملة على الإسلام وتشويه حقائقه هي على أشدها في الغرب، حتى إنّ المسلمين غدوا في ظن بعض الغربيين أناساً وثنيين يعبدون القمر!
لكن ما يشيع البهجة أنّ الإسلام أكثر الأديان انتشاراً في العالم، وربّما إنّ ذلك أحد أسباب حقد الغرب عليه! فكثيرون في الغرب وجدوا ضالتهم المنشودة في الإسلام بعد أن تنكبت بهم سبل البحث عن الهداية في مجتمعات مادية ممسوحة.
ومن أكثر (الدعاوى) التي يرددها الإعلام الغربي عن الإسلام، الادعاء بأنّه يقهر المرأة ويجور عليها، ورغم أنّ هذا الادعاء رد عليه مراراً قبل أكثر من مائة عام، إلاّ أنّ الرد هذه المرة يأتي من امرأة غربية اعتنقت الإسلام حديثاً، تعالوا نقف على تفاصيل رؤيتها تلك.
قالت: "في أوقات كان الإسلام يواجه فيها عداء سافراً في وسائل الإعلام الغربية، لاسيما في القضايا التي كان موضوع نقاشها المرأة، وربّما كان من المثير للدهشة تماماً أن يتبادر إلى علمنا أنّ الإسلام هو الدين الأكثر انتشاراً في العالم، كما أنّ من العجب العجاب أنّ غالبية من يتحولون عن دياناتهم إلى الإسلام هم من النّساء.
إنّ وضع المرأة في المجتمع ليس بقضية جديدة، وفي رأي العديد من الأشخاص فإنّ مصطلح "المرأة المسلمة" يرتبط بصورة الأمهات المتعبات اللواتي لاهم لهن إلاّ المطبخ، وهن في الوقت عينه ضحايا للقمع في حياة تحكمها المبادئ، ولا يقر لهن قرار إلاّ بتقليد المرأة الغربية وهكذا، ويذهب بعضهم بعيداً في بيان كيف أنّ الحجاب يشكل عقبة في وجه المرأة، وغمامة على عقلها، وأنّ من يعتنق منهن الإسلام، إمّا أنّه أجري لهن غسل دماغ، أو أنّهن غبيان أو خائنات لبنات لاغىهن.
إنّني أرفض هذه الاتهامات، وأطرح السؤال التالي:
لماذا يرغب الكثير والكثير جداً من النساء اللواتي ولدن ونشأن فيما يدعي بالمجتمعات المتحضرة في أوروبا وفي أمريكا في رفض حريتهن واستقلاليتهن بغية اعتناق دين يزعم على نطاق واسع أنّه مجحف يحقهن؟
بصفتي مسيحية اعتنقت الإسلام، يمكنني أن أعرض تجربتي الشخصية وأسباب رفضي للحرية التي تدعى النّساء في هذا المجتمع أنّهن يتمتعن بها ويؤثرنها على الدين الوحيد الذي حرر النّساء حقيقة، مقارنة بنظيراتهن في الديانات الأخرى.
قبل اعتناقي للإسلام، كانت لدي نزعة إنسانية قوية، وأدركت أنّه حيثما تكون المرأة موضع اهتمام، فإنّه ثمة كثيراً من المراوغة والخداع المستمرين بهذا الخصوص ودون قدوة مني على إبراز كيان هذه المرأة على الخارطة الاجتماعية، لقد كانت المعضلة مستمرة، فقضايا جديدة خاصة بالمرأة تثار دون إيجاد حل مرض لسابقاتها، ومثل النسوة اللواتي لديهم الخلفية ذاتها التي أمتلكها، فإنّني كنت أطعن في هذا الدين، لأنّه كما كنت أعتقد دين متعصب للرجل على حساب المرأة، وقائم على التمييز بين اللاغىين، وأنّه دين يقمع المرأة ويهب الرجل أعظم الامتيازات، كل هذا اعتقاد إنسانة لم تعرف عن الإسلام شيئاً، إنسانة أعمى بصرها الجهل، وقبلت هذا التعريف المشوه قصداً للإسلام.
على أنّني ورغم انتقاداتي للإسلام، فقد كنت داخلياً غير قانعة بوضعي كامرأة في هذا المجتمع، وبدا لي أنّ المجتمع أوهم المرأة بأنّه منحها "الحرية" وقبلت النسوة وذلك دون محاولة للاستفسار عنه، لقد كان ثمة تناقض كبير بين ما عرفته النّساء نظرياً وما يحدث في الحقيقة تطبيقاً.
لقد كنت كلما ازداد تأملي أشعر بفراغ أكبر، وبدأت تدريجياً بالوصول إلى مرحلة كان عدم اقتناعي بوضعي فيها كامرأة في المجتمع، انعكاساً لعدم اقتناعي الكبير بالمجتمع نفسه، وبدا لي أن كل شيء يتراجع إلى الوراء رغم الادعاءات.
لقد بدا لي أنّني أفتقد شيئاً حيوياً في حياتي، وأنّ لا شيء سيملأ ما أعيشه من فراغ، فكوني مسيحية لم يحقق لي شيئاً، وبدأت أتساءل عن معنى ذكر الله مرة واحدة، وتحديداً يوم الأحد من كل أسبوع؟
وكما هو الحال مع الكثيرين من المسيحيين غيري، بدأت أفيق من وهم الكنسية ونفاقها، وبدأ يتزايد عدم اقتناعي بمفهوم الثالوث الأقدس وتأليه المسيح عليه السلام - وبدأت في نهاية المطاف أتمعن في الدين "الإسلام" لقد تركز اهتمامي في بادئ الأمر، على النظر في القضايا ذات العلاقة بالمرأة وكم كانت تلك القضايا مثار دهشتي فكثير ممّا قرأت وتعلمت علمني الكثير عن ذاتي كامرأة، وأين يكمن القمع الحقيقي للمرأة في كل نظام آخر وطريقة حياة غير الإسلام الذي أعطى المرأة كل حقوقها في كل منحى من مناحي الحياة، ووضع تعريفات بينت دورها في المجتمع كما هو الحال بالنسبة للرجال في كتابه العزيز {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً} [سورة النساء: 124].
ولما انتهيت من تصحيح ما لدي من مفاهيم خاطئة حول المنزلة الحقيقية للمرأة في الإسلام، اتجهت لأنهل المزيد، فقد تولدت لدي رغبة لمعرفة ذلك الشيء الذي سيملأ ما بداخل كياني من فراغ، فانجذب انتباهي نحو المعتقدات والممارسات الإسلامية، ومن المبادئ الأساسية فحسب كان يمكنني أن أدرك إلى أين أتوجه وفقاً للأولويات؟
لقد كانت هذه المبادئ في الغالب هي المجالات التي لم تحظ إلاّ بالقليل من الاهتمام أو النقاش في المجتمع، ولما درست العقيدة الإسلامية، تجلى لي سبب هذا الأمر، وهو أنّ كل أمور الدنيا والآخرة لا يمكن العثور عليها في غير هذا الدين وهو الإسلام".