ياعمرو خالد ايعقل هذا00
دون أن يدعوه أحد ذهب الأستاذ عمرو خالد إلى الأقباط في يوم عيدهم يمد يده إليهم راجيا التعايش، ويعلن من الكنيسة بصوتٍ خافتٍ حانٍ ودموعٍ تتأرجح أنّه خائف على مصر، خائف أن يحدث بين أبناء الوطن الواحد فتنة يقتتلون فيها كما يقتتل أهل السودان الشقيق، وأنّه يسعى لأن يشعر الأقباط بالأمان في وطنهم مصر!!
لست هنا أرصد الخبر، وإنّما أقرأ العقول... كيف تفكر؟ وأين تسير؟
لا أحد يجادل في شمولية الشريعة الإسلامية، وأنّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، وأنّ ما من خير إلاّ ودلنا عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما من شر إلاّ ونهانا عنه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فالدين كامل {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [سورة الأنعام: من الآية 38]، {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [سورة النحل: من الآية 89]. لا أحد من المسلمين يجادل في هذا مطلقا، ولكن:
من بديهيات العقل أنّ شمولية الشريعة وكمالها وتمام حِكمة أحكامها، لا يعني أبدا أن تنتقل هذه الشمولية وهذه الحِكمة المطلقة إلى المنتسبين إليها، بمعنى: هناك عموم الشريعة وخصوصية المنتسبين إليها، وخاصة الدعاة، فأي داعية لا يفقه في كل شيء، ندر ـ بل فُقد ـ من حوى العلوم كلها وصار مجتهدا في كل العلوم، وقد كان من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ خالد بن الوليد، وكان منهم زيد بن ثابت، و كان منهم أبو ذر. كل شخصية لها ما تتميز فيه. فما سمعنا أنّ خالدا تكلم في الفرائض، أو أنّ أبا ذر طلب الإمارة أو قاد الجيوش.
كلٌ له ما يحسنه, وكثيرون يتخصصون في أمر ما ثم اعتمادا على كثرة جلسائهم وبما أنّ الشريعة كاملة يتكلمون في كل شيء.
يبدأ أحدهم قاصّا يحدث النّاس في السيرة النبوية بلهجة عامية ثم حين يجتمع حوله النّاس، يتحول أو يُحوَّل إلى مصلح اجتماعي، بل ومفتي، بل ويَلِجُ أماكن حرجة تتعلق بكليات الدين، ويتكلم للآخر باسم الإسلام والمسلمين.
من له أدنى دراية بالواقع في مصر وفي العالم الإسلامي يعرف أنّ الأقباط ـ خاصة ـ والنصارى عامة الآن في صراع فكري مع الإسلام والمسلمين.. صراع محتدم على أرض الواقع.. في الفضائيات... والمنتديات.. ومواقع الإنترنت.. وغرف البالتوك.. ومجاميع مواقع التعارف والتلاقي وفي الجامعات.. وعلى خشبات المسرح.. والسينما.. في كل مكان وبكل الوسائل، صراعُ وجودٍ لا دعوة للتعايش.
يا عمرو!
النصارى اليوم يتكلمون بأنّ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس بنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويتكلمون بأنّ القرآن ليس بكلام الله، وأنّ الإسلام لا يصلح أن يكون شريعة لله في أرضه. هؤلاء أنفسهم بأم أعينهم الذين ذهبت إليهم دون أن يدعوك أحد منهم. فأولى بك أن تقول لهم: "محمد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، بَشَّر به موسى وعيسى ـ عليهما السلام ـ ، وتنطبق عليه شروط النبوة من كمالٍ في الخِلقة وكمالٍ في الخُلق ونبوءات عمّا لم يأتِ صدَق فيها ورأيناها بأعيننا، وأخبارٍ عمّا مضى من الزمان، وآيات محكمات معجزة أفصح عنها العلم الحديث. فهو نبي صادق وليس عاشق فاسق كما يدعون".
ويا عمرو!
النصارى هؤلاء الذين ذهبت إليهم وتدعوا للتعايش معهم يتكلمون بأنّ لا بد من خروج المسلمين من مصر وأن تعود مصر كلها نصرانية. حالهم كما وصف ربّهم {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} [سورة آل عمران: 118].. إن كنتم تعقلون.. فهل تعقلون؟؟
ويا عمرو!
هم بين أظهرنا من ألف وأربعمائة عام لم يخفهم أحد، وأمارة ذلك أنّهم منتشرون بأعداد قليلة في شرق البلاد وغربها، وهم اليوم يثيرون الفتنة كل عام مرة أو مرتين، ينشرون مسرحية تستهزئ بالإسلام ونبي الإسلام ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ويسبون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كل حين، ويبسطوا إلينا أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو نكفر جميعا، بل لم تعد مودة وإنّما سعي حثيث أن نكفر جميعا. فهم الذين يتسببون في الفتنة وهم الذين يشعلون نارها.
يا عمرو !
جرذان النصارى خرجت من جحرها ووقفت على ذيلها ـ تحاكي الأسد وأنّى لها ـ وراحت تتجرأ على الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأزواجه أمهات المؤمنين، وعلى الدين وتستنصر بالغريب البغيض لإزالة الإسلام من أرض الكنانة، فارجع إليهم وأخبرهم بأنّ هنا رجالا يعلمون أنّ {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [سورة الأحزاب: من الآية 6]. وهذه تكفي لو أنّ من يسمع لبيب.
ويا عمرو!
يحتفلون بميلاد المسيح، والمسيح لم يولد في رأس العام، وإنّما هي طقوس شركية أدخلتها الدولة الرومانية على الديانة المسيحية بعد تحريفات "بولس" رسول النصرانية.
ويا عمرو !
يقولون هو الله، و{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [سورة المائدة: 72]، فأخبرهم بأنّ الله لا يرضى لعباده الكفر، هذا أولى لك وأنت داعية إلى الله.
ويا عمرو!
ما كان لنا أن نجلس مع النصارى وهذا حالهم، والأمر لا زال بأيديهم إن كانوا يريدون أمنا وتعايشا فليرجعوا، ولا أراهم يفعلون، وما كان لنا أن ننصرف وقد جالت خيلُها وتنادى أبطالها، فهو موقف لا ينصرف منه شريف إلاّ هازم أو مقتول.
ويا عمرو!
اشتد أسفي على الدعاة إلى الله حين يصبحون دعاة للتمييع ويصبح دينهم الوطنية . واشتد أسفي على الصغار حين يخرقون اجماع الأمة ويهنئون الكافرين بعيدهم ، ويبادرون من تلقاء أنفسهم بما لا يقرهم به عاقل فضلا عن عالم .
واشتد أسفي على من لا يفهم الدرس وقد ألقي عليه من قبل .. في الدنمارك .
أنصفع مرتين يا عمرو ؟ .
أيلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين يا عمرو ؟؟